مَريَم العَذرَاء في سِرّ الكنيسَة وَصَلاتها الصلاة هي قبل أيّ أمر آخر اتّصال بالله لذكر أعماله وتسبيح عظائمه، ليصير الإنسان بهذا الاتّصال أقرب الى الله ويحقّق على أكمل وجه في ذاته وفي العالم صورة الله الذي يتقرّب اليه: "أذكر أعمال الربّ، أذكر عجائبك القديمة، وأهذّ بجميع أفعالك، وأتأمّل في أعمالك" (مز 77: 12- 13). وذكر مريم العذراء في صلاة الكنيسة يندرج في ذكر أعمال الله الخلاصيّة فعلى غرار الكتاب المقدّس، تذكر الكنيسة مريم في إطار الخلاص الذي جاءنا به ابنها الإلهي، وفي إطار الجماعة المسيحيّة المدعوّة الى تبنّي هذا الخلاص ونشره. لذلك مريم هي أوّلاً رمز الكنيسة التي تسهم في الخلاص بتقبّله والاضطلاع بتطلّباته. وهي أيضًا في الكنيسة أمّ وشفيعة وفي أعيادها تحتفل الكنيسة بالخلاص الذي حصلنا علمه كان فيه لمريم دور وشأن. وكل ذلك ليس لمجرّد العيش بضع لحظات في تذكارات الماضي، بل لتجسيد الإيمان الذي هو تقبّل لعمل الله وإسهام في بناء كنيسة اليوم.ا مريم العذراء رمز الكنيسة في المجمع الفاتيكاني الثاني، لم يشأ الآباء تكريس وثيقة خاصّة بمريم العذراء، فأوردوا ذكرها في الفصل الثامن والأخير من الدستور العقائدي في الكنيسة، بعنوان: "في الطوباوية مريم والدة الإله في سرّ المسيح والكنيسة" (رقم 52- 69). وبذلك يظهر بجلاءٍ أكثرَ دورُ مريم ضمن تاريخ الشعب المؤمن وتنوّع وظائفه. فالكنيسة في مجملها جسد المسيح، والمؤمنون متّحدون كلّهم معًا في عمل الروح القدس فيهم، إذ لا أحد يمكنه أن يصير عضواً في الكنيسة ما لم تنسكب عليه قدرة الروح القدس. على هذا الصعيد مريم العذراء هي عضو في الكنيسة ملأها الروح القدس وتجاوبت مع عمله، فكانت لجميع المسيحيين قدوة ومثالاً في الإيمان والمحبّة، كما يوضح المجمع في مختلف النقاط التي يتوسّع فيها عن دور مريم العذراء في تدبير الخلاص وفي علاقتها بالكنيسة.ا مريم العذراء في تدبير الخلاص لقد وعد الله أبوينا الأوّلين بالنصر على الشيطان. وقد تحقّق هذا الوعد في مريم العذراء التي حبلت وولدت ابنًا اسمه عمّانوئيل. الخلاص هو عمل الله الذي أرسل ابنه الى العالم. ولكنّ لمريم دورًا هامًّا في التجاوب مع عمل الله. يقول المجمع: "فهي التي تحتلّ المحلّ الأوّل بين أولئك الوضعاء وفقراء الربّ الذين يرتجون منه الخلاص بثقة وينالونه... ويبدأ التدبير الجديد عندما اتّخذ ابن الله منها الطبيعة البشريّة ليحرّر الإنسان من الخطيئة بسرّ جسده" (رقم 55). ثمّ يوضح المجمع دور مريم العذراء في البشارة (رقم 56)، وفي طفولة يسوع (رقم 57)، وفي حياته العلنية وموته على الصليب (رقم 58)، ومن ثمّ بعد صعوده الى السماء (رقم 59).ا مريم العذراء قدوة الكنيسة في هذه الأحداث كلّها تبدو مريم العذراء قدوة الكنيسة. يقول المجمع: "والعذراء الطوباوية، بحكم موهبة الأمومة ومهمّتها اللتين تربطانها بابنها الفادي، وبحكم النعم والمهامّ الفريدة التي لها، تتّحد أيضًا بالكنيسة اتّحادًا وثيقًا: فأمّ الله، بحسب تعليم القدّيس أمبروسيوس، هي للكنيسة قدوة في الإيمان والمحبّة والاتّحاد الكامل بالمسيح. ففي سرّ الكنيسة، التي تُنعَت بحقّ هيّ أيضًا بالأمّ والعذراء، تحتلّ العذراء الطوباويّة مريم المحلّ الأوّل، قدوةً مُثلى وفريدة للعذراء وللأمّ: بإيمانها وطاعتها ولدت على الأرض ابن الآب ولم تفقد بتوليّتها، وغمرها الروح القدس بظلّه، فكانت حوّاء جديدة تولي، لا الحيّة القديمة بل مرسل الله، ثقة لا يشوبها أيّ شكّ: لقد ولدت ابنها الذي جعله الله بكرًا بين الإخوة الكثيرين (رو 8: 29)، أي بين المؤمنين الذين تسهم بحبّها الأمومي في مولدهم وتربيتهم" (رقم 63).ا "والكنيسة بتأمّلها في قداسة العذراء العجيبة، واقتدائها بمحبّتها، متمّمة بأمانة مشيئة الآب، تصير هي أيضًا أمًّا بقبولها بالإيمان كلمة الله: فبالكرازة والمعمودية تلد، لحياة جديدة خالدة، أولادًا يُحبَل بهم من الروح القدس، ويولدون من الله. وهي أيضًا عذراء إذ قطعت لعريسها عهدًا تحفظه كاملاً غير مشوب بشائبة. واقتداءً بأمّ ربّها، تحفظ بقوّة الروح القدس، في نقاوة عذريّة، الإيمان كاملاً، والرجاء راسخًا، والمحبّة خالصة" (رقم 64).ا
"وإذا كانت الكنيسة قد بلغت، في شخص العذراء الطوباويّة، الكمال في غير كَلَف ولا غضْن (أف 5: 27)، فإنّ مؤمني المسيح أيضًا يجدّون بنشاط في طريق النموّ في القداسة بالتغلّب على الخطيئة. لذلك يشخصون بأبصارهم الى مريم مثالاً للفضيلة يشعّ نوره على أسرة المختارين جميعًا. والكنيسة إذ تختلي بتقوى في التأمّل في مريم، على ضوء الكلمة الذي صار إنسانًا، تلج باحترام وإمعان في أغوار سرّ التجسّد العظيم، وتتمثّل أكثر فأكثر بعريسها. فمريم، بدخولها تاريخ الخلاص دخولاً صميمًا، تجمع وتعكس في ذاتها، من بعض الوجوه، ملتمسات الإيمان العظمى، وتُرجِع المؤمنين الى ابنها وذبيحته، والى حبّ الآب، عندما تكون موضوع الوعظ والتكريم. والكنيسة في مسعاها الى تمجيد المسيح، تتشبّه أكثر فأكثر بمثالها العظيم بنمائها بلا انقطاع في الإيمان والرجاء والمحبّة، وابتغائها في كلّ شيء إرادة الله والعمل بها. لذلك تنظر الكنيسة، في ممارسة عملها الرسولي، الى التي ولدت المسيح، الذي حُبل به من الروح القدس وولد من العذراء، لكي يولد ويكبر أيضًا، بواسطة الكنيسة، في قلوب المؤمنين. ولقد كانت العذراء بحياتها مثالاً لهذا الحبّ الأمومي الذي يجب أن يحيا به جميع الذين باشتراكهم في رسالة الكنيسة الرسوليّة، يعملون في سبيل ميلاد الناس ثانية" (رقم 65).
|
الأربعاء أبريل 25, 2012 10:22 pm من طرف هنرى هانى
» بحث في الكتاب المقدس
الأربعاء أبريل 25, 2012 10:19 pm من طرف هنرى هانى
» تنزيل الكتاب المقدس
الأربعاء أبريل 25, 2012 10:17 pm من طرف هنرى هانى
» مكرونة بالخضار صيامي
الأربعاء أبريل 25, 2012 10:11 pm من طرف هنرى هانى
» كباب على الطريقة العراقية (كفته)
الأربعاء أبريل 25, 2012 10:00 pm من طرف هنرى هانى
» الدجاج المحشو بالأرز والزبيب
الأربعاء أبريل 25, 2012 9:52 pm من طرف هنرى هانى
» المهلبية بالشوكولاتة
الأربعاء أبريل 25, 2012 9:49 pm من طرف هنرى هانى
» الحواوشى بالعجينة
الأربعاء أبريل 25, 2012 9:47 pm من طرف هنرى هانى
» كيف تجعل إبنك..مــتــواضــعاً
الأربعاء أكتوبر 05, 2011 1:54 pm من طرف gurgis